أُحاولُ من جديدٍ، في هذا الصوم، أن أرتقيَ إليك، متُكّئًا كما في الماضي، على رحمتك الحاضرة أبداً لكي تنتشلني من حَضيضي وتُعزّيني؛ فالخطيئة أوحَلَتني، لَطَّخت جسدي وعقلي وإرادتي وبِتُ بحاجةٍ إلى غسلٍ، وليس أَحدٌ سواك قادرٌ على الغسل لأنك تعرف ما في باطني. فيا إلهي، يا غاسلَ الآثام، اغسلني من آثامي، إغسلني... إغسلني... إغسلني.
أستفيق على حُبِّكَ، بعد نومٍ مُتعبٍ لَم أجِد فيه راحةً لنفسي، نادماً من كلِّ قلبي على آثامٍ فعلت، ويا ليتني ما فعلت! أرحَلُ إليكَ وأهيم في صحراء نفسي باحثاً عنك، لتُعرّيني من لباسيَ الغريب المُلتِصِق بلحمي، والمُتطبّع فيَّ، والمُتمكّن من فكري، والمُتحكّم بإرادتي، والمُتسلّط على طباعي، وتُخاطب قلبي بدفء محبّتك الرحيمة، فَتَرُدّ إليَّ جمال صبائي، وزهوة شبابي، واستقامة سيرتي، وعنفوان نفسي، وتُصَحّحَ رغباتي وتنتشلني من الهاوية. ودليلي إليكَ كلامك الحيّ ومائدة الخلاص وكتاب صلاتي وسُبحتي، وعصا قوّتك وعُكّاز تعزيتك(مز234)، وأُميَّ الكنيسة التي تُمسك بيدي وتقودني إلى حيثُ أنت، ولا غرو في قليل من الخبز والماء.
أرحَلُ إليك تائباً باكياً خطيئتي بُكاء المرأة الخاطئة التي غسلَت بدموعها رِجليَك(لو738)، وبُطرُسَ الذي خانَكَ ثلاثاً(متى2672). أُعَوِّمُ فراشي كداودَ المَلِك، وبدموعي أَبُلُّ سريري(مز66). أتَمَرَّغُ في الرماد(إر626)، متذلّلاً أمامك. أشُقُّ بصوتي عِبابَ السماء، وبقلبي أطلبك صارخاً إليك لتأتي إلى نُصرتي(مز1411). أرفعُ كفيّ متضرعاَ، وأفتحُ فمي سائلاً إيّاك الرّحمة والحنان.
فيا أيّها الرحوم الشفوق، على ما بدَوت وتبدو في تاريخ الخلاص. يا أيُّها الحاضرُ أبداً في طريق بشريّتي، إرحمني واشفق على جبلتك وصُنع يَدَك، فإنَّك عالَم مَن أنا وما أنا عليه، وعارفٌ أنَّ نفسي ستبقى قلِقَة، مُضطربة، ما لَم ترتاحَ فيك، لأنّك أنت الراحة ولا راحة لي سواك. آمين